الشعور بالإرهاق خلال فترة الحمل هو أمرٌ طبيعي تمامًا حيث يحاول جسمك التعوّد على التقلبات الكبيرة في هرمونات الحمل وكذلك مع التغيرات الجسدية المتواصلة حتى حلول موعد الولادة. ومع ذلك، فإن إرهاق الحمل سيزداد وينقص على مدى مراحل الحمل: فقد تشعرين بقدرٍ كبير من التعب في شهرٍ ما ثم تصبحين أكثر طاقةً وحيوية في الشهر التالي. تعرفي على إرهاق الحمل وما يمكنك القيام به للتقليل من شعورك بالتعب ولو بقدرٍ ضئيل.

الإرهاق في الثلث الأول من الحمل

سترتفع مستويات هرمون البروجسترون لديك في أشهر الحمل الثلاثة الأولى بصورةٍ كبيرة، الأمر الذي قد يجعلك تشعرين بالنعاس. كما تتسارع لديك عمليات الأيض ويحرق جسمك قدرًا أكبر من الطاقة، ما يساعد أيضًا في شعورك بالإرهاق في المراحل المبكرة من الحمل. هذا إلى جانب أن انخفاض ضغط الدم وزيادة إنتاج الدم يسهمان في استهلاك الطاقة، بالإضافة إلى الاضطرابات العاطفية الكبيرة التي قد تمرين بها خلال فترة الحمل. ولكن لا تسبب الهرمونات وحدها شعورك بالإرهاق. فأعراض الحمل الأخرى قد تؤثر هي الأخرى على نومك، بما في ذلك غثيان الصباح (والذي، رغم اسمه، قد يحدث خلال الليل) والتبول المتكرر. تعني هذه الأعراض المزعجة أنك لا تستطيعين الحصول على ما يكفي من النوم للتغلب على الإرهاق.

الإرهاق في الثلث الثاني من الحمل

هناك سببٌ قوي وراء تسمية الثلث الثاني من الحمل بفترة شهر العسل في الحمل. إذ أن جسمك يكون خلاله قد تكيّف مع الزيادة في هرمونات الحمل لذلك تشعرين في الثلث الثاني بدرجةٍ أقل من التعب وبأنك جاهزة لتبدئي التحضير لوصول صغيرك. وعلى الرغم من أن أسوأ درجات الإرهاق تكون قد انتهت عمومًا في هذه المرحلة من الحمل، إلا أن الشعور بالإرهاق قد يعاودك في كثيرٍ من الأوقات، ولا بأس في ذلك. استمعي إلى الإشارات التي يرسلها جسدك، وحاولي أن تأخذي الأمور بسهولة عندما تكونين بحاجة إلى فترة راحة.

الإرهاق في الثلث الثالث من الحمل

سيعاودك على الأرجح مع حلول الثلث الثالث من الحمل الشعور بالإرهاق مرةً أخرى مع تزايد حجم الطفل. وقد تجدين أيضًا أن كبر حجم البطن، وكذلك أعراض مثل آلام الظهر والقلق، ستحول بينك وبين الحصول على نومٍ عميق هانئ، كما أن الضغط الحاصل على المثانة يعني دخول الحمام بشكل متزايد خلال الليل وبالتالي قطع فترات النوم المتواصل.

كيفية التعامل مع الإرهاق أثناء الحمل

قد تشعرين أن جسمك يعمل بجهدٍ أكبر من المعتاد لدعم الحمل، الأمر الذي سيشعرك بالتعب والإرهاق. وإليك بعض النقاط التي ستمكنك من زيادة طاقتك والتعامل بصورةٍ أفضل مع الإرهاق:

  • اتباع نظامٍ غذائي صحي. يمكن أحيانًا ربط الإرهاق بوجود نقصٍ في الحديد، ويتوجب عليك عندها تناول الكثير من الأطعمة الغنية بالبروتين والحديد. إذ سيساعدك الحصول على الفيتامينات من الفواكه والخضروات والبيض والمكسرات، ومجموعةٍ متنوعة من الأطعمة المتكاملة في الحفاظ على مستويات طاقة عالية طوال اليوم. يمكنك قراءة المزيد عن النظام الغذائي الصحي الملائم للحمل هنا .

  • المحافظة على مستوى السوائل في الجسم. واظبي على شرب الكثير من الماء خلال النهار، وقللي منه في فترة المساء لتجنب التبول المتكرر ليلاً.

  • الحفاظ على روتين النوم. حاولي أن تعوّدي نفسك على الذهاب الى السرير والاستيقاظ في نفس الوقت كل مساءٍ وصباح. وإذا شعرت أنك بحاجةٍ إلى مزيدٍ من النوم، يمكنك دائمًا أخذ قيلولةٍ خلال النهار. حاولي الحصول على ثماني ساعاتٍ على الأقل من النوم ليلاً.

  • التأكد من الراحة التامة في السرير. مع تزايد حجم بطنك ستحتاجين إلى إيجاد الوضع المناسب والمريح لك كي تستطيعي الحصول على قدرٍ كافٍ من النوم. حاولي النوم على الجانب الأيسر للمساعدة في تحسين تدفق الدم لطفلك وأعضائك. واستخدمي الوسائد للدعم ما بين ركبتيك، وتحت بطنك، وخلف ظهرك. واحرصي على إبقاء رأسك مرتفعًا.

  • نمط الحياة النشطة. لا يساعد الحرص على إجراء التمارين الرياضية بانتظام في منع تشنجات عضلات الساقين فحسب، لكنه سيعطيك أيضًا دفقًا من الطاقة. تحدثي إلى طبيبتك بشأن خيارات التمارين الرياضية المناسبة للحمل.

متى يكون الإرهاق علامةً على وجود حالةٍ أخرى؟

ليس هناك ما يدعو للقلق عمومًا بسبب الشعور بالإرهاق، إلا أنه قد يكون في بعض الأحيان أحد أعراض حالة طبية تحتاج إلى العناية والعلاج. إذ قد يزيد الحمل من خطر الإصابة بفقر الدم إذا كنت لا تحصلين على ما يكفي من الحديد، وعندها قد يكون الإرهاق واحدًا من أعراضه. سوف تقوم طبيبتك بإجراء فحص دم للتحقق من مستويات الحديد لديك.

أما في حال كان الإرهاق مصحوباً بشعورٍ مستمر بالحزن وفقدان الاهتمام، فقد يكون ذلك علامةً على حدوث حالة اكتئاب ما قبل الولادة. وتعاني قرابة 14 إلى 23% من النساء الحوامل من الاكتئاب أثناء الحمل، والذي قد يكون متصلاً بالتغييرات الهرمونية التي تمر بها أجسامهن. إذا كنت تشكين بإصابتك بالاكتئاب، تأكدي من التحدث مع طبيبتك عن الأعراض التي تشعرين بها.

إن الشعور بالتعب أو الإرهاق هو أمرٌ طبيعي أثناء الحمل، ومن المهم أن تعتني بنفسك وبطفلك عن طريق التغذية الصحية الجيدة والحصول على الكثير من الراحة. فالأمر لا يقتصر على المجموعة المتنوعة من التغييرات التي يمر بها جسمك، إذ أن عقلك هو الآخر مليء بكثيرٍ من الأفكار وبالقلق حيال لقاء صغيرك وإعداد المنزل وجميع ما يلزم لوصولها. ومن الطبيعي مع كل ذلك أن تشعري بالتعب والنعاس من وقتٍ إلى الآخر.